يا أخي في الإنسانيّة، يا من تخدم سيّد هذا العالم، يا حبيبي في المسيح، ويا داعشيّ الملـّة...
يا أخي في الإنسانيّة… عيّرتني بالـنـون وبرسمها هجرتني، لم ترَ أنّ النون إنـّما هي نونٌ أنت، ونونٌ أنا، وواءُ المعيّة تربطنا في الإنسانيّة! لم أعرف أنّ الإنسان يمشي على رجل واحدة، ويصفـّق باليد والواحدة، ويرى بعين، وأحاديّ السمع. لم أعتد رؤية لون واحد في هذه الحياة، ولم أتخيّل دنياي من دون التنوّع. أين الآخَر منك؟ أين أخاك المختلف عنك؟ أين اختلاف الرجل من المرأة؟ أين اختلاف الطفل من البالغ؟ أين اختلاف العائلة من الأخرى؟ أين اختلاف النهار من الليل؟ أين اختلاف الصيف من الشتاء؟ كيف أقنعك الشيطان بأن تعيش من دون اختلاف؟ ومن أين لك يا أعجميّ العُرب أن تخلط الاختلاف مع الخلاف؟
أؤمن بالله الذي بذل نفسه من أجلي ليربحني له إبناً، ولم أعرف إلهاً يبذلُ الناس لأجل نفسه ليربح الموت ويجني الظلم والذل. دُعِيتُ وشعبي مسيحيين أولاً، وها أنت تصرّ على تغيير اسمي وانتمائي. ألأنك لا تحتمل إلهاً مسيحاً مخلـّصاً بذل نفسه عن أحبائه وشعبه؟ أم لأنك لا ترضى أن يتجسد الله في إنسان أصلا، ولكنك في كتابك ترضى بأن يتجسّد الشيطان في ثعبان… ألعلّ شيطانك أقدر من إلهك، ولهذا سمحت للشرّ بسكناك يا أخي الإنسان؟ أنا لست بـ نصراني ولست بـ نـُصَيْري... أنا أتبع يسوع الناصري المخلص والمعطي الحياة لكل من يسأله! جرّدت من نعتـّهم بالنون من رقعة أرض، ولكنك لم تـتـنبـّه أنك لا تستطيع أن تجرّد الإنسان من النون، وإلا لأصبح ا-سا-… أسى!
يا من تخدم سيّد هذا العالم… علـّمنا كتابنا أنّ سيّد العالم هو الشيطان. إن تهجيرك ليس بجديد، ولا طرقك أحدث ممّن سبقوك، أنت فقط نسخة أخرى من تلك الشيطان الذي بايعته النفوس الضعيفة أجسادها. نبكي على أنفسنا نتيجة الألم الحاضر والزمني، ولكننا نفرح بالشهادة لربحنا إكليل الحياة. لكننا بالأحرى، نبكي عليك أيها الخادم المأمور إذ تخدم السيّد الخطأ. فنحن اعتدنا التهجير والتنكيل والاضطهاد من لحظة اعتناقنا الإيمان المسيحيّ وعبر كلّ العصور والعهود. فمن تهجير المسيحيين في المغرب العربي إلى موريتانيا، إلى مصر والجبل الأخضر والساحل في ليبيا، إلى السودان وتركيا وايران مروراً في فلسطين والأردنّ وسوريا والعراق وحتى لبنان! وكم نعاني اليوم من الاضطهاد الفكري للمسيحيين في أوروبا وأميركا والصين والهند وغيرها. وكم عانينا من ماضٍ أسود اضطهدنا مسيحنا بأنفسنا في حروب ادّعت الصليبيّة وأساءت استخدام اسم يسوع المسيح وتعاليمه… هو القائل: "في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم”. فأين شوكتك يا موت، وأين غلبتك يا هاوية؟ فنحن منتصرون في الذي أحبنا وبذل نفسه لأجلنا. فأنت مغلوب، ولكنك لست بمغلوب على أمره، ما زال لديك خطّ عودة، وما زلنا نحلم أن نراك في الفردوس يوم نلتقي بإلهنا يوم الدينونة. ذلك لا باستحقاقنا، ولا من قبيل افتخار الإيمان أو بـبـِرّ ذاتي، ولا بكبرياء المعرفة، فما زلنا نعلم بعض العلم، وننتظر أن يأتي الكامل وينقض البعض، إذ نحن خطاة وانتـُشِلنا من ماضينا. ولكننا برحمته اللا متناهية نحلم أن نلقى السماء مصير، والأبدية في حضرة الله مستقبل! نعم أنت الذي صلبت وقتلت الأخ والأخت، الأم والأب، الجدّ والجدّة، فجرت بناء كنيستنا، خطفت وقتلت قسسنا ورهباننا. نصلي أن تتوب، وتؤمن بالذي تمّم كلّ شيء من أجلنا كلنا، نرجوك أن تتـُبْ وتؤمنْ.
يا حبيبنا في المسيح… فمخلـّصنا علـّمنا أن نحبّ عدوّنا، أن نبارك لاعِنَنا، أن نحسن إلى المسيئ إلينا، كيف لا وأنت يا مضطهدنا جاهل البعد، وقصير النظر. شهوتك دافعك، وسيفك محبسك، وتطرّفك سجنك. ترتشف الدماء فيزيدك ظمأ، تنتظر حوريّاتك وأنهار الخمور فتتمنطق الظلم والقتل، علـّك تروي عنجهيّة قِصَر المعرفة!
يا أبديّة الله ألعلـّكِ أكثر فسقاً من الأرض ولم نعرف؟ أوترضى يا ربّ النجاسة في سماك وأنت القدّوس؟ حاشاك يا قدير فأنت أسمى وأرقى وأقدس من أن توضع في جملة واحدة مع هذه الصفات. آمنـّا بك وعرفنا أنك الإله الحيّ، الأحَد، الصمد، الذي لا غش فيك ولا ظلّ دوران. فبَعْد نظرتنا للقدوس الذي يدعونا أن نكون قدّيسين لنشبهه هو الخالق، الذي صوّرنا على شبهه كمثاله، لا نستطيع إلا أن نصلي لك يا مضطهدنا، لكي تعرف إله الحب والرحمة، تختبر إله العطف والحكمة، الآب السماويّ الخالق الكلّ بكلمته، الذي به وله كلّ الأشياء. لذا نحبّك، ونقول لك أنّ حبّنا من حبّ إلهنا والحبّ يشفي. نصلـّي لك أن تعرف الحق، لتتحرّر به. فالحق له اسم؛ يسوع المسيح.
يا داعشيّ الملـّة… لا النون ولا كلّ الأحرف ستغيّر من نحن. فنحن أيضاً خطأة وضعيفون مثلك، ولكننا أقوياء ومؤمنين بالذي منحنا الحياة وخلـّصنا بصليبه، إذ هو جابلنا، ومن هذا المنبر نقول لك في المسيح: نسامحك، ونحبّك
No comments:
Post a Comment